الحركة الكشفية
وإســــهامها فـــي المجتمـــــع
مقدمة ...
هدف الكشفية منذ البداية كان تحسين المجتمع
بعد عودة مؤسس الحركة الكشفية اللورد ( بادن باول ) إلى بريطانيا من جنوب أفريقيا في أواخر القرن الماضي لاحظ أن آلافا من الشباب والفتيان ( في أوضاع بائسة جداً ) مما كان مبعث قلق له وللآخرين لانحدار مستوى المعيشة وغموض مستقبل الشباب ..
وكان باعتباره بطلاً شعبياً ومدرباً متمرساً في وضع جيد يسمح له بمحاولة تطوير المجتمع وكان يؤمن بأن الخطوة الأولى هي بناء الأفراد ، فقد لاحظ أن كتاب الجيب الصغير الذي أعده للجنود عن قوة الملاحظة والصناعات الخشبية يلقي قبولاً من الفتية ولذلك قام بإعادة كتابته للقراء الأصغر سناً مقترناً بما يدعم نظرياته عن التربية واحتياجات واهتمامات الشباب ، وكان عنوان الكتاب ( الكشفية للفتيان ) وسرعان ما أصبح هذا الكتاب الأكثر مبيعاً وبدأ قراؤه يشكلون في الحال مجموعات صغيرة يطلقون على أنفسهم الكشافون .
قام بادن باول بتجريب أفكاره على عشرين فتى من بيئات اجتماعية مختلفة أقام لهم معسكر في جزيرة ( براونسي ) وكان اتجاهه في التربية فريداً وهو أسلوب التعليم الذاتي الذي يجري معظمه في الخلاء دون أن ترتكز اهتمامات الشباب على توجيهات الكبار وكانت التجربة أساسها ( التربية من الداخل ) على عكس الطريقة التي كانت منتشرة في المدارس .
تم تشجيع الفتيان لكي ينشطوا في حياتهم وتعلموا من خلال الطلائع والفرق كيف يستثمرون حياتهم وكيف يعملون مع بعضهم البعض ومع الآخرين في مجتمعاتهم وكان الهدف من نشاطاتهم وأسلوب التعلم عن طريق العمل هو تعليمهم المهارات التي تساعدهم على إعداد أنفسهم للحصول على الوظائف الملائمة فيصبحون أعضاء يتحملون المسئولية في المجتمعات المحلية والدولية التي يعيشون فيها ، وكان يعتقد أنه يمكن تقوية المجتمع وتحسين ظروف الحياة من خلال الإعداد الجيد للأفراد .
وكانت وجهة نظر بادن باول أن هدف الكشفية هو ( المساهمة في تنمية الشباب بمساعدتهم على ممارسة كامل طاقاتهم كمواطنين ذوي مسئولية وكأعضاء في مجتمعاتهم المحلية والوطنية والدولية ) وأن ( المشاركة في تنمية المجتمع ) هي إحدى المبادئ الأساسية للحركة الكشفية .
بعض الصعوبات التي واجهت نمو الحركة الكشفية
نمت الحركة الكشفية وانتشرت سريعاً في عدة دول بعد تأسيسها عام 1907م وأصبحت هذه الحركة ولا تزال حتى الآن واحدة من أكثر الحركات الشبابية التطوعية انتشاراً ونجاحاً في العالم .
وعلى الرغم من هذا النجاح الكبير فقد أدى النمو التلقائي للكشفية وتطورها مع المجتمع بشكل حتمي إلى أن تنشأ في بعض الدول أوضاع من شأنها أن تحد بصورة كبيرة من قدرة الحركة الكشفية على تنمية الأفراد والإسهام في عملية النهوض بالمجتمعات ويمكن وصف هذه الأوضاع عموماً على النحو التالي :- (( أصبح العامة والكثيرون من قادة الحركة الكشفية ينظرون إلى الحركة الكشفية على أنها وسيلة للتسلية )) .
وهدف الحركة الكشفية يمتد إلى أبعد من مجرد الترفيه فهي تعمل على التنمية الشاملة للنشء وتطور قدراتهم من خلال أسلوب واضح ومحدد وفعال من التعليم الذاتي المتقدم
( الطريقة الكشفية ) ويتم تطبيقه خلال أنشطة الوقت الحر .. والاستفادة من مجرد فرصة ترفيهية جذابة للمساعدة في تنمية المواطن الصالح وبناء صفاته وتعميق الإمكانيات القيادية الأخرى التي استمدت منها المدرسة الكشفية شهرتها والترفيه هنا وسيلة لا غاية حيث الغاية هي بناء الفرد للوصول به إلى بناء المجتمع .
وقد أدى الفهم الخاطئ للكشفية وأسلوبها إلى أن أصبحت السمات المظهرية للكشفية مثل الزي والشارات والتخييم والعروض وغيرها هي الكشافة الحقيقية ، وغالباً ما تنقل هذه السمات المظهرية من دولة إلى أخرى دون تفهم للأهداف التربوية كما يتم نقلها إلى بيئات تختلف في احتياجاتها اختلافاً جذرياً ، ولذلك يصبح من المتعذر تحت هذا الظرف وضع وتطويع برنامج كشفي مبني على الاحتياجات المحلية .
وبناء على هذا الفهم المحدود لحركة الكشف بدت الجهود المبذولة لكي تطرق الحركة جوانب معينة في المجتمع مثل ( مساعدة المحتاجين والمحرومين .. ) وكذلك بعض المشاكل مثل ( المخدرات والتصحر .. ) بدت هذه الجهود وكأنها نشاط تكميلي أو متواز مع البرنامج العادي وليست جزءاً أساسياً منه
وغالباً ما نجحت مشروعات التنمية التي تم تنفيذها في بعض الجمعيات الكشفية بدرجة ملحوظة ومفيدة للمجتمع وإن كان من الممكن تحقيق قدر أكبر من الفوائد التربوية للفتية والشباب لو استخدمت الطريقة الكشفية في تصميم وتنفيذ هذه المشروعات وهذا ما لا يحدث غالباً حينما ينظر إلى التنمية وكأنها منفصلة عن البرنامج الكشفي أو متوازية معه .
النمو الشخصي وتنمية المجتمع
من الممكن تعريف ( التنمية ) لكل من الفرد والمجتمع على أنها عملية الانتقال من حالة ( التواكل ) إلى حالة ( الاعتماد على النفس ) .
والتنمية شيء أكبر من مجرد بناء طرق ومدارس و... بل هي تنمية الأشخاص واشراكهم في تحديد احتياجاتهم الخاصة والعمل جنباً إلى جنب مع الآخرين في المجتمع لحل المشاكل .
ويساهم الكشافون في تنمية مجتمعاتهم من خلال ثلاث طرق هي :
1- يجب على الكشافين أن يعملوا على تنمية أنفسهم .
2- يجب أن يتزود الكشافون بمعلومات عن المجتمعات التي يعيشون فيها وأن يتفهموا مسئولياتهم كمواطنين وسوف تجعلهم هذه المعرفة مواطنين أكثر صلاحية في مرحلة الشباب وحتى يكبروا ليمكنهم الاضطلاع بمسئوليات فعالة في مجتمعاتهم .
3- يستطيع الكشافون المشاركة بصورة فردية وجماعية في تطوير وتحديد الاحتياجات والعمل والمساعدة الفعالة في حل المشاكل .
والتنمية الاجتماعية هي عملية مشتركة بين المسئولين والأفراد والجماعات كل له دوره في تلك التنمية ، والحركة الكشفية تستطيع أن تساهم في تنمية المجتمع مساهمة فعالة ومثمرة فوعد الكشاف يحث على مساعدة الناس في جميع الظروف والقانون ينص على أن يكون الكشاف نافعاً مقتصداً ، وبوسع الحركة الكشفية أن توفر للمجتمع الشباب الذين لديهم ثقافة أفضل ومهارات ذات قيمة مع الحافز لإيجاد مجموعات متماثلة يكون لديها الدافع الأخلاقي للعمل الجماعي حتى تؤتى التنمية الشخصية ثمارها المرجوة نحو تنمية المجتمع باتجاهاتها الثلاث ...
وسنتناول بقية الموضوع فى مشاركة اخرى غدا إن شاء الله